عيد عُرس قانا الجليل – بقلم القمص إشعياء عبد السيد فرج

كانت هذه الآية بداية الآيات التي فعلها السيد المسيح له المجد في بدء خدمته، وحضوره هذا الفرح كان ممارسة لمباركة سر الزواج وجعله شركة مقدسة كما هو واضح من صلوات الإكليل المقدس.
قوله في اليوم الثالث كان عُرس في قانا الجليل (يو 2: 1) يشير إلى قيامته التي صارت في اليوم الثالث من آلامه وبها صار لنا الفرح السمائي… لقد حضر السيد هذا العُرس مع أمه العذراء وبعض تلاميذه في قانا الجليل التي كانت تبعد 6 أميال شرق الناصرة والتي فيها تمت الآية الثانية وهى شفاء ابن خادم الملك (يو 4: 46 – 54) وقيل أنه بنيت في موضع العُرس كنيسة آثارها باقية حتى الآن. آما التلاميذ ذهبوا مع المخلص إلى العُرس كانوا على الأرجح ستة وهم: اندراوس وبطرس وفيلبس ونثنائيل ويوحنا الانجيلى، وأخوة يعقوب إذ بقية التلاميذ الاثني عشر لم يكونوا تتلمذوا بعد.
قيل أن العروسين كانا فقيرين ومع هذا حضر إليهما ملك الملوك ومازال يلبى دعوة الجميع… كان الفرح والسرور بحضوره هذا الحفل البسيط واستجاب لطلب والدته السيدة العذراء، فما أن طلبت منه قائله ليس لهم خمر.. إلا بعد برهة قد تحولت الأجران التي ملأوها إلى خمر جديدة… استجاب لها في اتضاع وتقدير للأمومة التي لم ينسها حتى النهاية في أشد آلامه وهو على الصليب (يو 19: 26) بل ومازال يستجيب شفاعتها وتوسلاتها عن ضعفنا كل حين.
كان سمعان القانوي (مت 10: 4) من قانا الجليل وهو صاحب العُرس الذي حول فيه السيد الماء خمرا.. كما قيل انه بعد تلك الآية قام وترك كل شيء وتبعه فكان من تلاميذه الاثني عشر لذا لقب بسمعان الغيور (لو 6: 15) إذ قد صار عروسًا للعريس الحقيقي الرب يسوع المسيح (1 كو 11: 20) وتعيد الكنيسة بتذكار استشهاده في 15 بشنس..
السيد المسيح يشارك الجميع (فرحا مع الفرحين بكاء مع الباكين) (رو 12: 15). فبحضوره العُرس شارك الأفراح كما أنه في ذهابه إلى بيت عينا بعد أن مات لعازر كان مشاركا لأحزانهم (يو 11 :45).
الخمر الجديدة التي حولها الرب يسوع تشير إلى سر الافخارستيا إذ نشرب خمرا جديدة قدسها الرب يسوع وأعطاه لنا دما كريما للعهد الجديد الذي له (من الآن لا اشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديدا في ملكوت أبي) (مت 26: 29). الخمر التي صيرها الرب في عرس قانا الجليل لابد أنها انتهت أخيرًا.. أما الخمر الجديد الذي يعطيه لنا (دمه الكريم) فهو حياة أبدية.. أيضًا ذلك العُرس انتهى أما عرسه السمائي وفرح قلوبنا فهو بلا نهاية ولا انقضاء الى دهر الدهور كلها.. الخمر التي صيرها الرب في عرس قانا الجليل لابد وأنها انتهت أخيرًا.. أما الخمر الجديد الذي يعطيه لنا (دمه الكريم) بالنسبة لحياتنا الروحية هي أصلح ومذاقتها جيدة تناسب الجميع عن وصايا العهد القديم إذ الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق فيسوع المسيح صار (يو 1: 17).. وهنا ليتنا نسأل أنفسنا هل لنا لباس العُرس للاشتراك في عُرسه الدائم (مت 22: 1-14).. فالعريس والعروس يجب أن يكونا على حب وإخلاص متبادل حينئذ تتوفر لهما السعادة في حياتهما، وإنني كعروس للمسيح هل كونت علاقة وطيدة معه؟ هل أحببته كما أحبني؟ هل أجلس إليه وأحدثه عن كل ما يجيش بصدري.
ربى.. أعطني أن احبك كما أحببتني، وأن أعرفك حق المعرفة كما عرفتني أنت أولًا.. وليكن لنا مشاركة عُرسك الدائم إلى الأبد حيث (ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه) (1 كو 2: 9).
لقد دعى السيد المسيح إلى عُرس قانا الجليل أما الآن فإنه يدعونا إلى شركته المقدسة كل يوم.. بل هو صاحب العُرس الذي مازال يدعو الجميع للفرح منه كل حين.
1٬629