” والكلمةُ صَارَ جَسَداً ” (يو 1 : 14 )
بقلم: تريزا مسعود حنا
مراجعة: القمص مرقس زكى
———————
+هذه الآية قد تناولها بالتفسير كل الذين اهتموا بشرح ” سر التجسد ” ورأوا فيها أبسط تعبير كتابى عن حقيقة التجسد .
+ولكن جاء أبوليناريوس وحاول أن يشق ناسوت المسيح بإلغائه الروح الإنسانية فى أقنوم المسيح وبالتالى إلغائه لكمال ناسوته وبذلك سلب التجسد الإلهى معناه وقيمته فلا يكون الله قد تجسد بالحقيقة وإنما يكون قد لبس جسداً تماماً كما قال نسطور فيما بعد إن المسيح هو حامل الإله θεοφόρος .
+وبهذا التفسير وجد أبوليناريوس الحل الوحيد من وجهة نظره لمشكلة وجود شخصين فى المسيح شخص الله الكلمة وشخص الروح الإنسانى العاقل حيث اعتقد أن الروح الإنسانى العاقل فى المسيح لابد أن يكون شخصاً إنسانياً بخلاف شخص الله الكلمة وهو نفس الخطأ الذى وقع فيه نسطور فقال إن الله روح ويتصف بالعقل فما الداعى لوجود روح عاقلة للمسيح فلاهوت المسيح قد حل محل الروح و اتحد بالجسد و النفس لتكوين الاتحاد الثلاثى .
**الرد على ذلك :
+واضح أن أبوليناريوس قد خلط بين مدلولات الألفاظ من الناحية اللاهوتية فرأى أن كلمة طبيعة φύσις تعادل كلمة أقنوم υποστασις فقال إنه إذا اجتمع فى المسيح طبيعة لاهوتية كاملة وطبيعة ناسوتية كاملة معناها أن هاتين الطبيعتين الكاملتين يُكونان أقنومين فى المسيح إذ لا يمكن أن تجتمع طبيعتان كاملتان فى أقنوم واحد (حسب فكره ) أى لا يمكن أن يجتمع كلّان فى كلٍّ واحد فهذا أمر مستحيل و لذلك لم يكن للمسيح روح بشرية وبالتالى لم تكن له شخصية بشرية أو أقنوم بشرى ليتحد بالأقنوم الإلهى بل يكون فى المسيح شخص الكلمة الإلهى وحده.
+كذلك خلط بين مفهوم الشخص الذى هو مالك الطبيعة ومفهوم العقل الذى هو أحد خواص الطبيعة التى يملكها الشخص فاعتبر أن الشخص هو العقل.
+كذلك الروح العاقلة لا تعنى بالضرورة شخصاً لأن العقل هو صفة من صفات الطبيعة ولذلك نقول عن الطبيعة البشرية إنها طبيعة عاقلة.
+وبذلك حينما اتخذ السيد المسيح ناسوتاً كاملا له روح بشرية عاقلة فإن هذا الناسوت قد وجد شخصه فى ابن الله المتجسد.
+أى أن أقنوم الابن قد أعطى شخصه الخاص للطبيعة البشرية التى اتخذها أى أنها قد تشخصنت فى شخص الله الكلمة.
+وقد دحض آباء مجمع القسطنطينية سنة 381 م هذه البدعة وأقرّوا الآتى:
إن السيد المسيح له روح إنسانية عاقلة لأنه جاء لخلاص البشر وليس لخلاص الحيوانات وأنه كان ينبغى أن تكون للمسيح طبيعة إنسانية كاملة لكى يتم فداء الطبيعة البشرية.
وإن وإن الروح البشرية لأى إنسان مثلها مثل الجسد فى حاجة إلى الفداء فقد أخطأت مع الجسد وتحتاج إلى الخلاص
+كما عبر عن ذلك القديس غريغوريوس النزيانزى (صاحب القداس والملقب باللاهوتى) :
” ما لم يتخذه الله الكلمة فإنه لم يعالجه ولكن ما تم توحيده بلاهوته فهذا يخلص”.
فإذا فإذا اتخذ الله الكلمة جسداً فقط فإن الجسد وحده هو الذى سيخلص وإذا اتخذ جسداً متحداً بروح إنسانية فإنه يخلِّص أجساد البشرو أرواحهم.
+وقد شرح الآباء عبارة القديس يوحنا ” والكلمة صار جسدا ”
فقالوا:
القديس أثناسيوس :
لأن القول ” الكلمة صار جسدا ” هو مساوٍ أيضاً للقول ” والكلمة صار إنساناً ” ذلك لأن كلمة σαρξ ممكن أن تترجم أيضا بمعنى ” بشر”
و = καί
ال = ό
كلمة = λόγος
بشرا = σαρξ
صار = εγενετο
+القديس غريغوريوس النزيانزى أيضا قال فى شرح هذه العبارة :
“إن الجسد هنا معناه الطبيعة البشرية من قبيل إطلاق الجزء على الكل وعلى ذلك فإن كلمة ” تجسد ” ένσάρκωσις
تعنى بالحقيقة ” تأنس ” ένανθρώπησις ”
+أيضا فى رده المفحم على أبوليناريوس قال :
” إذا كان نصف آدم فقط هو الذى أخطأ فيمكن إذن أن يكون المسيح أيضاً قد اتخذ هذا النصف ليخلصه”.
2٬085