” فَإِنَّهُ هُوَذَا الَّذِي صَنَعَ الْجِبَالَ وَخَلَقَ الرِّيحَ ” ( عا 4 : 13)
بقلم: تريزا مسعود حنا
مراجعة: القمص مرقس زكى
———————
+جماعة المتقلبين هم جماعة ظهرت فى القرن الرابع و علمت بأن الروح القدس أحد المخلوقات فهو مخلوق يشبه الملائكة و لكنه ذو رتبة أسمى منهم و أنه أقل من الابن و قد استند أصحاب هذه البدعة على قول الرب فى نبوة عاموس النبى “فَإِنَّهُ هُوَذَا الَّذِي صَنَعَ الْجِبَالَ وَخَلَقَ الرِّيحَ (الروح)”
+ويمكن الرد على ذلك على النحو التالى :
إنه لا توجد فقرة فى الكتاب المقدس كله قد أُشير فيها إلى الروح القدس بمجرد كلمة ” روح ” بدون إضافة كلمة أو حرف أو ياء المتكلم أو أداة تعريف فلا يقال أبداً ” روح ” بل ” الروح ” أو ” روح الرب – روح الابن – روحى – روح المسيح ” بينما كلمة روح الواردة هنا جاءت مجردة حتى من أداة التعريف
πνευήα
ملاحظة: ( التعريف هنا فى العربية فقط أما فى الأصل اليونانى جاءت نكرة )
+كلمة ” روح ” عندما تأتى مجردة من أداة التعريف فإنها قد تشير إلى روح الإنسان كقول باروخ النبى فى صلاته:
“قَدْ صَرَخَتْ إِلَيْكَ النَّفْسُ فِي الْمَضَايِقِ وَالرُّوحُ فِي الْكُرُوبِ” (باروخ 3 : 1).
أو قد تشير إلى الرياح كما فى هذه الآية لأن كلمة “ريح” و “روح” يترجمان من نفس الكلمة
πνευήα
+كقول الكتاب:
“وَأجَازَ اللهُ رِيحا (روحًا)عَلَى الأرْضِ فَهَدَأتِ الْمِيَاهُ” (تك 8 : 1).
و بالإشارة إلى الآيات الواردة عن الروح القدس فى الكتاب المقدس نجد أنه ليس له أية علاقة بالمخلوقات بل ينتمى إلى اللاهوت الذى فى الثالوث غير المخلوق.
+فكما أن الروح القدس ُيرسل من الآب و الابن:
“وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.” (يو 14: 26)، وأيضاً:
“وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي”. ( يو 15 : 26 ).
+نجد أن الابن أيضاً مُرسل من الآب والروح القدس كقول الابن عن الآب “مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ” ( إش 48 : 16)
وكما أن الروح القدس يأخذ مما للابن ويخبرنا:”ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.” (يو 16: 14)، كذلك الابن أيضًا يخبرنا عن الآب: “إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ.” (يوحنا 8: 26).
+و كما أن الروح القدس يمجد الابن ” ذَاكَ يُمَجِّدُنِي” ( يو 16: 14) كذلك الابن أيضاً يمجد الآب ” أنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.”( يو 17: 4).
وهكذا نجد أن الروح القدس يحمل نفس العلاقة مع الابن كعلاقة الابن مع الآب.
+وقد علّم آباء الكنيسة الأولون عن أقنومية الروح القدس
فكتب القديس إغناطيوس الأنطاكى الـ θεοφόρος (30 – 110 م) عن الروح القدس أنه واحد مع الآب والابن فى الجوهر مع تميز خاص لشخصه.
و ميثوديوس (260 -312 م) أسقف مدينة صور، شهد صراحة أن الروح القدس مساو للآب فى الجوهر
όμοούσιον πνευήα فكما أن الابن له شخصيته الحقيقية التى أدركناها حينما جاء لخلاص العالم كذلك أيضًا الروح القدس له شخصيته الحقيقية التى أدركناها حينما جاء ليقود الكنيسة و يشهد للمسيح و يعمل فى الأسرار.
و يتعجب القديس أثناسيوس من هذا الاكتشاف الجديد فيقول فى رسالته إلى سيرابيون:
+ لو كان الروح القدس مخلوقاً فواضح أنه كان هناك وقت لم يكن فيه الثالوث ثالوثاً بل كان ثنائياً و انتظر حتى يَخلق مخلوقًا ثالثًا يُحصى مع الآب و الابن ليُكوِّن معهما ثالوثاً.
+ إنه من التجديف أن تضعوا الخليقة فى مستوى واحد مع الله فتجعلون الروح القدس مخلوقًا وفى نفس الوقت تحسبونه ضمن الثالوث و بذلك تجعلون الثالوث مكونًا من طبيعتين مختلفتين خالق وخليقة .. ؟
كذلك يتساءل القديس أثناسيوس أين وجدوا فى الأسفار المقدسة أن الروح القدس أُشير إليه كملاك؟!!
وإن وجدوا فليخبرونا أى ملاك هو الذى يُحسب ضمن الثالوث و هم ألوف ألوف وربوات ربوات ( دا 7 : 10 )
فبذلك لا يبقى بعد ثالوثاً بل عددًا لا حصر له فى اللاهوت.
و قد حُرم مقدونيوس عدو الروح القدس من فم الكنيسة الجامعة فى المجمع المسكونى الثانى 381 م لذلك نصلى فى صلاة التحليل بأن نكون محاللين من فم الـ 150 المجتمعين بالقسطنطينية على أساس رفضنا لتعاليم مقدونيوس .
و لربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين
2٬391